أساليب التربية في ضوء القرآن والتربية الحديثة

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2025-11-30 - 1447/06/09
التصنيفات:

 

محمد أحمد عبدالباقي الخولي

 

تربية الأبناء ليست مجرد واجبٍ، بل هي أمانة عظيمة ومسؤولية شرعية واجتماعية تقع على عاتق الوالدين، فبصلاح الأبناء تصلح المجتمعات، وبتربيتهم تُبنى الأمم، وقد اهتم الإسلام بهذا الدور العظيم اهتمامًا بالغًا؛ قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، أي أدبوهم وعلّموهم ووجهوهم بما يحميهم من الضلال والعذاب.

 

أولًا: أساليب التربية المختلفة:

 

1. الأسلوب الحازم المتفهم:

يُعتمد فيه على التفاهم، والاحترام المتبادل، مع الحزم في وضع حدود واضحة للسلوك، وهذا يتفق مع التوجيه القرآني: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]، وقد نبَّه عليه علماء التربية المعاصرون[1].

 

2. الأسلوب المتسلط (الديكتاتوري):

يُركز على الأوامر الصارمة والعقاب، دون فتح باب الحوار؛ مما يؤدي إلى ضعف الشخصية أو التمرد، وهذا النوع لا يوصي به التربويون، لما له من آثار نفسية خطيرة[2].

 

3. الأسلوب المتساهل (المدلل):

يُسمح للطفل بكل شيء دون ضوابط، فينشأ الطفل ضعيف الانضباط، وقد أشار إلى خطورته Daniel J. Siegel في Parenting from the Inside Out[3].

 

4. الأسلوب المهمل:

يتم فيه إهمالُ احتياجات الطفل العاطفية والتربوية، ويؤدي لانطوائه أو انحرافه سلوكيًّا، وهو أخطر الأساليب كما بيَّنت دراسات جون بولبي (John Bowlby) في نظرية التعلُّق[4].

 

ثانيًا: مبادئ التربية من القرآن والسنة:

الحوار والتوجيه الهادئ:

كما في وصية لقمان: ﴿ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ﴾ [لقمان: 13]، نموذج حي للتربية بالحكمة والموعظة الحسنة.

 

القدوة الصالحة:

فكان النبي صلى الله عليه وسلم خير قدوة؛ كما قالت عائشة: "كان خلقه القرآن"؛ (رواه مسلم)، لذا فإن السلوك اليومي للوالدين ينعكس في شخصية الأبناء.

 

التربية على المراقبة الذاتية:

﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، تُغرَس هذه الرقابةُ في قلب الطفل منذ الصغر.

 

التدرج في التعليم والتكليف:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ"؛ (أبو داود: 495)، ويعني أن التربية تتطلب صبرًا وتدرجًا بحسب سن الطفل.

 

ثالثًا: خطوات عملية في التربية:

• خصص وقتًا للحديث مع أطفالك يوميًّا، واستمع لهم باهتمام.

• اعتمد أسلوب الثواب قبل العقاب، واستخدم التعزيز الإيجابي.

• اربط القيم بالقرآن والسنة لتكون أكثر تأثيرًا.

• اجعل البيت بيئة حبٍّ وأمان، ولا تُكثر من الانتقاد.

 

خلاصة:

تربية الأبناء أمانة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، ومن أعظم الأمانات: تربية جيل صالح يعبد الله ويُصلح في الأرض.

 

الأسلوب التربوي المتبَّع يَصنع الفارق في مستقبل الأبناء، كل أب وأم مسؤولان عن غرس القيم، وبناء الشخصية، وإعداد جيل صالح يواجه الحياة بثقة ووعي، التربية ليست مهمة يومية فقط، بل هي بناء مستمر وأثر دائم.

 

 

[1] سيد صبري – فن تربية الأولاد في الإسلام.

[2] مصطفى أبو سعد – محاضرات في التربية الإيجابية.

[3] Daniel J. Siegel – Parenting from the Inside Out

[4] John Bowlby – Attachment Theory

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات