عناصر الخطبة
1/الأولاد من أعظم النعم 2/أقوى طريقة لغرس القيم 3/من القيم التي ينبغي تنشئة الأبناء عليها 4/مما يعين الوالد في تربية أولادهاقتباس
أَوَّلَ وَأَسْهَلَ وَأَقْوَى طَرِيقَةٍ لِغَرْسِ القِيَمِ فِي نُفُوسِ الأَبْنَاءِ هِيَ القُدْوَةُ الحَسَنَةُ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[الأَحْزَاب: ٢١]، وَكَانَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقُولُ: "كَانُوا يَقُولُونَ: الصَّغِيرُ إِذَا نَشَأَ مَعَ قَوْمٍ اعْتَادَ عَادَاتِهِم"....
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمدُ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونَسْتَعِينُهُ، ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ باللهِ مِن شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِن سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا عِبَادَ اللهِ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَهِيَ وَصِيَّتُهُ لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتِي يَمُنُّ اللهُ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ نِعْمَةَ الوَلَدِ، وَإِنَّ أَعْظَمَ مَا يُبْتَلَى بِهِ العَبْدُ بَعْدَ هٰذِهِ النِّعْمَةِ هُوَ تَحَمُّلُ مَسْؤُولِيَّةِ تَرْبِيَتِهِ وَتَنْشِئَتِهِ عَلَى دِينِ اللهِ، قَالَ -تَعَالَى-:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)[التَّحْرِيم: ٦]، وقَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "عَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ".
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: إِنَّ أَوَّلَ وَأَسْهَلَ وَأَقْوَى طَرِيقَةٍ لِغَرْسِ القِيَمِ فِي نُفُوسِ الأَبْنَاءِ هِيَ القُدْوَةُ الحَسَنَةُ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[الأَحْزَاب: ٢١]، وَكَانَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقُولُ: "كَانُوا يَقُولُونَ: الصَّغِيرُ إِذَا نَشَأَ مَعَ قَوْمٍ اعْتَادَ عَادَاتِهِم".
الأَطْفَالُ -يَا عِبَادَ اللهِ- لَا يَتَعَلَّمُونَ مِنْ كَلَامِنَا كَمَا يَتَعَلَّمُونَ مِنْ أَفْعَالِنَا؛ فَإِنْ رَأَوْا وَالِدَهُمْ صَادِقًا أَحَبُّوا الصِّدْقَ، وَإِنْ رَأَوْهُ مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَاةِ أَحَبُّوا الصَّلَاةَ، وَإِنْ سَمِعُوا أُمَّهَاتِهِمْ يَذْكُرْنَ اللهَ تَعَلَّقُوا بِالذِّكْرِ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ".
وَمِنْ أَهَمِّ القِيَمِ قِيمَةُ الصِّدْقِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ"، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُولُ: "عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرِّمَايَةَ، وَرَوُّوهُمْ مَا يَصْلُحُهُمْ مِنَ الحَدِيث".
وَمِنَ القِيَمِ العَالِيَةِ: قِيمَةُ الحَيَاءِ، فَقَدْ أَخْرَجَ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "الحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ"، وَما أَحْوَجَ أَبْنَاءَنَا اليَوْمَ لِهٰذِهِ القِيمَةِ فِي عَالَمٍ يَمُوجُ بِالمُغْرِيَاتِ وَقِلَّةِ الحَيَاءِ.
وَمِنَ القِيَمِ المُهِمَّةِ: قِيمَةُ الصُّحْبَةِ وَالبِيئَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "المَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ"، وَقِيلَ:
وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتْيَانِ فِينَا *** عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة:
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لَهُ الحَمْدُ الحَسَنُ، وَالثَّنَاءُ الجَمِيلُ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى المَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا عِبَادَ اللهِ: قَدْ عَلِمَ اللهُ -سُبْحَانَهُ- صُعُوبَةَ التَّرْبِيَةِ، فَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلًا، بَلْ أَمَرَنَا أَنْ نَسْتَعِينَ بِهِ، وَنَسْأَلَهُ العَوْنَ، فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُعِينُ عَلَى تَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ الدُّعَاءُ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)[إِبْرَاهِيم: ٤٠]، وَقَالَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ: (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً)[آلِ عِمْرَان: ٣٨]، وَفِي الحَدِيثِ: "ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ".
مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ: إِنَّ مُسْتَقْبَلَ الأُمَّةِ لَا يُبْنَى بِالحِجَارَةِ، بَلْ بِالرِّجَالِ، وَلَا يُصْنَعُ الرِّجَالُ إِلَّا بِالتَّرْبِيَةِ الصَّالِحَةِ، وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: "أَكْثَرُ الأَوْلَادِ إِنَّمَا جَاءَ فَسَادُهُمْ مِنْ قِبَلِ الآبَاءِ؛ بِإِهْمَالِهِمْ وَتَضْيِيعِهِم".
أَيُّهَا النَّاسُ: لَا تُهْمِلُوا أَوْلَادَكُمْ صِغَارًا فَتَتْعَبُوا فِي تَرْبِيَتِهِمْ كِبَارًا، وَعَلَى المُقْبِلِ عَلَى الزَّوَاجِ أَنْ يَخْتَارَ الزَّوْجَةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي تَرْبِي عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ.
مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ: إِنَّ أَوْلَادَكُمْ هُم أَعْظَمُ الأَوْقَافِ بَعْدَ مَوْتِكُمْ، فَارْعَوْهَا وَأَنْتُمْ أَحْيَاءُ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يَقُولُ: "وَاللهِ مَا زَالَ أَبِي يَزْرَعُ فِي قَلْبِي حُبَّ الآخِرَةِ؛ حَتَّى صَغُرَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِي".
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا نِيَّاتِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا، وَاجْعَلْهُمْ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم